نصرالله يصوّب على "الاستكبار" و "يهادن" في الداخل

يأتي إعلان الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله لوثيقة الحزب الثانية بعد 24 عاماً على إطــلاق "الرسالة المفتوحة" في العام 1985 وبعد ان أنهى الحزب مؤتمره السنوي العام الذي استمرت أعماله أشهرا عدة، بإعلان انتخاب نصر الله أمينا عاما لولاية سادسة.


يجري "حزب الله" عادة انتخابات داخلية مرة كل ثلاثة اعوام، إلا أن المرة الأخيرة التي جرت فيها الانتخابات كانت في العام، 2004 وبــرر الحزب هذا التأخير الذي دام 5 اعوام بسبب الخلافات الداخلية وعدوان تموز في العام 2006. وكان لافتاً انتخاب رئيس كتلة الوفاﺀ للمقاومة النائب محمد رعد عضواً في مجلس شورى القرار الامر الذي يوضح جلياً نية الحزب الإنغماس في الحياة السياسية اللبنانية بكل تفاصيلها كأحد اكبر ممثلي الطائفة الشيعية اذا لم نقل ممثلها الأوحد، دون ان يغفل الدفاع عن مشروعه القائم على المقاومة. ومما لا شك فيه ان توقيت طرح وثيقة الحزب يأتي في خضم مفاصل إقليمية ودولية حساسة وتشهد بعض الانفراجات التي انعكست هذا الوئام والوفاق في الداخل. وربما هناك من يقول إن حزب الله يستبق بعض الاستحقاقات والمراحل ليطلق وثيقة قد تمتد الى عشرات الاعــوام المقبلة وهو يحسم بالتالي احقيته بــامــتــلاك السلاح للدفاع عن لبنان طالما انه موجود على حدود فلسطين وفي ظل عدو متربص به دائما وطالما بقي شبر واحــد من الاراضــي محتلاً وبقي اسير او جسد شهيد واحد.

نظرية الــردع الاستباقي او توازن الـــرعـــب الـــلـــذان اســتــطــاع الــحــزب تحقيقهما في عداون تموز والصمود الاســـطـــوري لــرجــال الــمــقــاومــة امــام جحافل الجيش الاسرائيلي جعلت نصرالله يؤكد على نهائية التمسك بالسلاح وتأطيره ضمن استراتيجية دفاعية سيقدمها الى طاولة الحوار ودعمه لتسليح الجيش وبناﺀ الدولة الــقــادرة والــعــادلــة، مع التأكيد على عــدم استعمال السلاح في الداخل لحماية المقاومة. ويشير نصرالله الى ان الوثيقة تهدف الى تظهير الرؤية السياسية للحزب وتركز على مسارين: الاول "مسيرة المقاومة التي قلبت موازين القوى وصولاً الى مسار التسلط والاستكبار الأميركي- الاسرائيلي الذي يشهد انهزامات واخفاقات عسكرية أظهرت عجزا في القدرة على التحكم بمسار التطورات والأحداث
وفي خصوصيات الشأن الداخلي يظهر جلياً ان الوثيقة السياسية الثانية للحزب تعد تطوراً هاماً في مسيرة الحزب، تحكم فيه بالطبع الــتــطــورات الــتــي عــاصــرهــا الحزب وتحديداً تحرير القسم الاكبر من الجنوب في ايــار من العام 2000 وانسحاب الجيش السوري من لبنان في نيسان من العام 2005 وصولاً الــى عــدوان تموز من العام 2006.

والــســؤال البديهي هــل تفترض ا لمر حلة ا لسيا سية ا لمقبلة من الــحــزب التمسك بنهائية الدولة وتنمية حضوره السياسي والداخلي بما لا يتعارض مع القوة العسكرية الهائلة التي يمتلكها ولا يشك احد انها ذات هدف نبيل وسام؟ ام ان الوثيقة تأتي في سياق تأطير هذه القوة وتوظيفها بما يخدم نهائية الكيان اللبناني او الدولة الناشئة؟

والــمــلاحــظ ان الــحــزب لــم يشأ الاحــتــكــاك بــمــكــوّنــات الـــداخـــل او بمعنى آخر عدم السماح بانشغاله عــن قضيته الاســـــاس، فالنقاط الداخلية التي طرحها نصرالله لم تكن ذات طبيعة جدلية او خلافية او ربما مقاربتها كانت لطيفة من باب العموميات والمسلمات ولا يتم التساجل فيها الا من باب المزايدات.

كما لوحظ غياب اي تصور اقتصادي او تنموي او خطة اقتصادية لوثيقة الــحــزب بــمــا يمثله فــي الــبــرلــمــان والحكومة.


الرسالة المفتوحة التي أطلقها الحزب في العام 1985 كانت بمثابة أول وثيقة سياسية مكتوبة تتناول الخطوط العامة لسياسات "حزب الله" وتوجهاته لبنانيا وعربيا ودوليا، إضافة إلى التزامه المقاومة