غزو لبنان 1982 و يسمى أيضا بحرب لبنان او ما اطلقت عليه إسرائيل عملية السلام للجليل وعملية الصنوبر كان حربا عصفت بلبنان وأصبحت الأراضي اللبنانية مرة أخرى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية و سوريا و اسرائيل . زجت إسرائيل إلى لبنان ضعف عدد القوات التي واجهت بها مصر وسوريا في حرب أكتوبر [1] بالرغم من أن الغزو الإسرائيلي الذي بدأ يوم 6 يونيو 1982 لم يكن أمرا غير متوقعا ولكن شدة المعارك والفترة الزمنية التي إستغرقتها لم تكن في حسبان أي من الأطراف المتنازعة . كان الغزو اختبارا عصيبا للمؤسسات السياسية والحكومية المنهكة في لبنان . بداية عام 1982 كانت بداية كالسنوات التي سبقتها منذ عام 1975 ولم تكن هناك في الأفق بوادر نهاية قريبة للحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت قبل 6 أعوام وكان هناك صراع مستمر بين كتلة اليسار اللبناني المسلم و والمقاتلين الفلسطينيين و منظمة التحرير الفلسطينية و الحزب التقدمي الأشتراكي من جهة و اللبنانيين المسحيين و حزب الكتائب اللبنانية و إسرائيل من جهةأخرى وإستمر خلال النصف الأول من عام 1982 صراعات عنيفة بين هذه الأطراف.
سبق غزو لبنان 1982 تصاعد للقلق الإسرائيلي من تجمع قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار الذي تم إبرامه في يوليو 1981 بين اسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب ، إعتبرت إسرائيل تجمع أعضاء منظمة التحرير في الجنوب اللبناني تهديدا لأمن الحدود الشمالية لإسرائيل. في 21 ابريل 1982 قصف سلاح الجو الإسرائيلي موقعا لمنظمة التحرير في جنوب لبنان و في 9 مايو 1982 قامت منظمةالتحرير الفلسطينية بالرد بقصف صاروخي لشمال إسرائيل وتلى هذا القصف المتبادل محاولة لاغتيال سفير إسرائيل في بريطانيا ، شلومو أرجوف في 3 يونيو 1982 فقامت إسرائيل وكرد على عملية الإغتيال هذه بقصف لمنشأت و مواقع تابعة لمنظمة التحرير في قلب بيروت ، ومن الجدير بالذكر أن منفذي محاولة اغتيال شلومو أرجوف كانوا من جماعة أبو نضال المناهضة لياسر عرفات والتي كانت تعرف ب بإسم فتح-المجلس الثوري (توفي شْلومو أرْغوف عام 2003). في اليوم التالي من محاولة الإغتيال و القصف الإسرائيلي لبيروت قامت منظمة التحرير بقصف شمال إسرائيل مرة أخرى وقتل في هذا القصف إسرائيلي واحد . في 5 - 6 يونيو 1982 بدأت إسرائيل حملة قصف جوي و مدفعي كثيف على صيدون و النبطية و الدامور وتبنين وعرنون وقلعة بيفورت ودخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية في 6 يونيو 1982 وتم اجتياز المواقع الذي كان يشغلها 7,000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة بكل سهولة .
قدم رونالد ريغان الرئيس الأمريكي وقتها الغطاء لإسرائيل في هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لتدمير منظمة التحرير، و أكدت إسرائيل للأمريكين أنها ستدخل لبنان لمسافة لا تتجاوز 30 كيلومترا لتحقيق أمنها و الدفاع عن نفسها. كان ريغان لا يمانع في القيام بعملية سريعة تكون بمثابة درس قوي لمنظمة التحرير الفلسطينية و لسوريا حليفة الاتحاد السوفيتي الشيوعية حيث صرح دافيد كمحي بأنه لم يكن هناك مقاومة قوية لخطط أرئيل شارون في واشنطن وإن الولايات المتحدة لم تستطيع منع اسرائيل من الهجوم و في مقالة في واشطن مع شارون قال هيج: إننا نفهم أهدافكم ولا نستطيع أن نقول لكم لا تدافعوا عن مصالحكم)[1] وقام وزير الخارجية الأمريكي، الجنرال ألكسندر هيغ بإخبار شارون عن الحاجة إلى "استفزاز واضح يعترف به العالم" بهدف شنّ الهجوم. ويرى البعض أن عملية أبو نضال لمحاولة إغتيال السفير الإسرائيلي في لندن جاءت في اللحظة المناسبة تماما بصورة غريبة[1]. [1].
قاد العمليات الإسرائيلية أرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت في الحكومة التي رأسها مناحيم بيغين. أعلن وقتها أن السبب هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية و صواريخ الكاتيوشا إلى مسافة 40 كيلوا عن حدود اسرائيل. تعدلت الأهداف لاحقا، حيث أعلن الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية آفى بارنز إن أهداف إسرائيل هي:
إجلاء كل القوات الغربية عن لبنان و من ضمن ذلك الجيش السوري
تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية
مساعدة القوات اللبنانية على السيطرة على بيروت و تنصيبها كحكومة لبنانية تملك سلطة وسيادة على كامل التراب اللبناني
توقيع إتفاقية سلام مع الحكومة اللبنانية و ضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية
دخول القوات السورية: كانت الولايات المتحدة قد أرسلت بالكثير من الإشارات لسوريا بموافقتها للتدخل السوري في الأراضي اللبنانية، ففي 21 يناير 1976 أعلن الناطق باسم البيت الأبيض: إن الرئيس جيرالد فورد تخلى عن معارضته لتدخل عسكري خارجي في لبنان ، وإن الولايات المتحدة كان من الضروري عليها ، أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة ومآرب سوريا ونواياها . بعد حوالي الإسبوع في 29 يناير أعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية: إن الولايات المتحدة تعترف بأهمية الدور الذي تقوم به سوريا ، بالنسبة لتسوية الأزمة اللبنانية.و نقل عن هنرى كسنجر قوله:
بإن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في لبنان ، وإننا شجعنا البادرة السورية هناك ، وإن الوضع يسير لصالحنا ويمكن رؤية خطوط تسوية.
صحيفة "هآرتس" ذكرت أن العاهل الأردني الملك حسين قدم في 11 إبريل 1976 تعهدا من الرئيس حافظ الاسد بأن الجيش السوري لن ينتشر في جنوب لبنان ولن يقترب من الحدود مع اسرائيل وأنه سيعمل على ضبط كل الجماعات الفلسطينية المسلحة التي قد تفكر بشن عمليات على شمال اسرائيل". و أعطى إسحاق رابين، في رسالة وجهها إلى الملك حسين في 28 أبريل، موافته لدخول القوات السورية إلى لبنان. في 31 مايو عبرت القوات السورية، تحت مسمى قوات الردع، الحدود مع لبنان و صلت إلى منطقة عكار شمال لبنان، و بدخول يوم 1 يونيو بدأت القوات السورية تسيطر على المواقع الاستراتيجية في سهل البقاع. الإذاعة الإسرائيلية نقلت تصريح رئيس الوزراء إسحاق رابين :إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان ، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين ، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين ، ويجب علينا أن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحسنة بالنسبة لنا . .وكالة الصحافة الفرنسية نقلت تصريح لموشي دايان في 5 يونيو: بإن على إسرائيل أن تظل في موقف المراقب ، حتى لو غزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر ، لأن غزو القوات السورية للبنان ، ليس عملاً موجهاً ضد أمن إسرائيل. يعتقد البعض أن التدخل السوري كان منسقا أيضا مع الموارنة، حيث صرح الرئيس اللبناني كميل شمعون في 16 يونيو 1976: لقد اتفقنا مع سوريا على خطط ترضينا. و في 9 أغسطس صرح من دمشق بقوله : أنني أثق ثقة كاملة بالرئيس حافظ الأسد ، و سوريا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع فرض السلام في لبنان .[1] . و بعد أكثر من ستة أسابع في 20 يوليو القى الرئيس السوري خطابه الشهير من مدرج جامعة دمشق معلنا أنه ليس بحاجة لطلب الإذن لدخول لبنان. حيث قال وقتها:
"قررنا ان ندخل تحت عنوان جيش التحرير الفلسطيني, وبدأ هذا الجيش بالدخول إلى لبنان ولا احد يعرف هذا أبدا، لم نأخذ رأي الاحزاب الوطنية ولا غيرها ولم نأخذ أذنا من أحد".
عملية الليطاني، في الرابع عشر من مارس 1978،أقامت إسرائيل حزاما أمنيا بمسافة عشرة كيلو مترات لحماية شمالها من هجمات الفدائيين، أدان مجلس الأمن هذه العملية مصدرا قرار 425 الذي يطلب من إسرائيل الانسحاب الفوري غير المشروط من لبنان، تجاهلت إسرائيل هذا القرار، خاصة أنه لم يمارس عليها أي ضغط دولي أو أميركي أو حتى عربي.
خدعة ميليشيا القوات اللبنانية، في فترة أواخر العقد السبعين وبداية عقد الثمانين، قسم لبنان فعليا إلى مناطق نفوذ عسكرية موزعة بين السوريين والفلسطينيين والإسرائيليين و الميليشيات اللبنانية المتعددة المتحالفة معهم، يصف تيمو غوكسل المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة الوضع فيما يخص الإسرائيلين قائلا:
الإسرائيليون لم يسلموا المناطق التي احتلوها، وأخذوا يختلقون الأعذار، وأخيراً ابتكروا رائعة من الروائع، قالوا: نعم، انسحبنا ولكن هاهو الرائد حداد، إنه يسيطر على هذه المنطقة وهو صديقنا فلم نحتل أراضيه. ولكن عذراً، ألم تحتلوا البلاد؟! لا.. نحن لم نحتل منطقته، مررنا بها فقط لأنه صديقنا، نحن راحلون، تعمل مع الرائد حداد مَنْ؟ هاهو رائد لبناني غريب علينا التعامل معه ومعرفة خلفيته. كان ابن المنطقة وربما كانت نيته من أحسن ما يكون تجاه منطقته، ولكن كيف يفكر؟ لم نعرف طبيعة علاقته بالجيش اللبناني، كان يقول أنه عسكري لبناني، ولكن الإسرائيليين كانوا يدفعون راتبه، ثم يريدون من القوات الدولية أن ترتب الأمور ثم يكمل واصفا الفلسطينيين :كان الفلسطينيون يتدخلون كثيراً في حياة الناس، كانوا منتشرين في كل مكان مدججين بالسلاح ومتعجرفين، اسميها عجرفة الكلاشينكوف، كان الكل يملك مدفعاً للطائرات، يبدو أنه كان لدى منظمة التحرير أموال طائلة، فلم أكن أصدق عيني، إذ كان المقاتلون يذهبون إلى السوق مصطحبين المدافع المضادة للطائرات. في إحدى المرات ذهبت من الناقورة إلى بيروت فمررت بأربعة عشر حاجزاً كلها للفلسطينيين باستثناء اثنين للجماعات اللبنانية مرتبطة بالفلسطينيين.
إلا أن الوضع على الأرض بالرغم من المناوشات اليومية بين الجميع كان جامدا، على شكل إستنزاف مادي و بشري للميليشيات المختلفة، بدون تحقيق أي نتيجة، الأمر الذي دفعها لتغير الوضع بحيث تخرج من الجمود، كما عبر رودلف بوليكوفيتش (المستشار الإعلامي للرئيس كميل شمعون) :لا تلم أحداً بعد أن تضعه في زاوية، لا تلمه لأن محشور، فأنت حشرته، السوريون حشرونا ، أعلنت ميليشيا القوات اللبنانية، بشير الجميل، أنه لا يجوز الفصل بين مسيحيي البقاع والجبل، و تحركت من جبال كسروان إلى البقاع باتجاه مدينة زحلة. البقاع كونه عمقا إستراتيجيا لسوريا عنى ان سوريا لا يمكن ان تسمح بهذه الحركة. إستعملت سورية طائرت الهيلوكوبتر لقصف ميليشيا القوات اللبنانية، وفرضت حصار عليهم في مدينة زحلة حيث تحصنوا فيها، وبدأت بقصفها بمشاركة الميليشيات المناوئة. و قام بشير الجميل بإرسال جوزيف أبو خليل (رئيس تحرير جريدة العمل التابعة للقوات اللبنانية وقت الأحداث) إلى الإسرائيليين لإقناعهم بأن القوات الجوية العربية السورية بخرقه الأجواء يعتبر أقدم على إعلان الحرب، مما قدم الذريعة لإسرائيل للتدخل كما قال مناحيم بيغن:
السوريون استخدموا طوافات زودهم بها السوفييت والفرنسيون وقتلوا الكثير من المسيحيين في الجبل. الجبل هو نقطة استطلاع أساسية يمكن منها قصف مدينة (جونيا) وجونيا هي الميناء الوحيد الذي يستخدمه المسيحيون، ولذا يكون بإمكان السوريين –من وجهة النظر المسيحية- فرض حصار على لبنان. المسيحيون يواجهون الآن خطراً داهماً، ونحن ملتزمون أخلاقياً بإنقاذهم وسوف ننجدهم.
قام سلاح الجو الإسرائيلي بإسقاط طوافتين سوريتين، فجاء رد سوريا سريعا بإدخال صواريخ سام 6 المضادة للطائرات إلى سهل البقاع، دخل سلاح الطيران السوري لحماية الصواريخ وحصلت مناوشات جوية في أجواء لبنان. اعتبرت إسرائيل ما حصل خرقا لاتفاق الخطوط الحمر، و اعتبرت سورية أن تل أبيب كانت البادئة بخرق الاتفاق من خلال هجومها على القوات السورية.
الهدنة على الحدود الشمالية مع إسرائيل في 10 يوليو 1981 و بعد فوز الليكود في انتخابات الكنيست في شهر يونيو، قامت إسرائيل بشن غارات جوية عنيفة على عدة مواقع في جنوب لبنان، و في 17 يوليو قصفت مراكز قيادة حركة فتح و الجبهة الديمقراطية في بيروت الغربية.[1] و إستمر القصف اللى يوم 24 يوليو و ذلك بعد صدور قرار من مجلس الأمن في 22 يوليو يطالب فيه بوقف فوري للهجمات المسلحة على لبنان. تمت التوقف بناء على مساعي موفد الرئاسة الأمريكي، فيليب حبيب ، بين منظمة التحرير وإسرائيل.[1] . حبيب كان واضحا بأنه في حالة حدوث أي مناوشة عسكرية مع إسرائيل أو أي اعتداء بالمفهوم الأميركي لإسرائيل فسيجري اجتياح كبير. بينما إلتزمت منظمة التحرير الفلسطينية بالهدنة التي رعتها الولايات المتحدة و أمنت حدودا شمالية أمنة لإسرائيل، خرقت إسرائيل الهدنة 2777 مرة في الفترة بين عامي 1981 و 1982.
الشرق الأوسط الجديد و مشروع السلام السعودي: في أبريل 1981 و في أثناء زيارة إلى عدة دول في الشرق الأوسط، دعا وزير الخارجية الأمريكي ألكسندر هيغ إلى قيام شرق أوسط جديد. حيث قال:
إن النزاع العربي الإسرائيلي يجعل بعضاً من أوثق أصدقائنا منقسمين على أنفسهم. والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لا يمكن حمايتها إلا باستراتيجية لا تغفل تعقيدات المنطقة ولا التهديد بحدوث تدخل خارجي. والولايات المتحدة تعتبر عملية السلام، والجهود المبذولة لمواجهة التهديدات السوفييتية والإقليمية، تعزّز بعضها بصورة متبادلة، فإذا كان أصدقاؤنا العرب على استعداد أكبر لركوب المخاطر من أجل السلام مع الإسرائيليين فإن التعاون في مجال الأمن سيكون سهلاً، باعتباره تعاوناً ضرورياً لردع أي تدخل سوفييتي ولردع الدول العاملة لحسابه
، في 7 أغسطس 1981، بمبادرة الأمير فهد ولي العهد السعودي، المكونة من ثمانية مبادئ هي
انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت في العام 1967 بما فيها القدس العربية.
إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد العام 1967.
ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.
تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة.
تخضع الضفة الغربية و قطاع غزة لفترة انتقالية تحت أشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.
قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام.
تقوم الأمم المتحدة أو بعض الدول الأعضاء فيها بضمان تنفيذ تلك المبادئ.[1]
رفضت مصر المبادرة فورا، وأعلنت عن تمسكها باتفاقية كامب ديفيد،و في 9 أغسطس، رفضها أيضا مناحيم بيغن. و أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيان جاء فيه[1] :"إن إسرائيل ترى في الاقتراح السعودي خطة لتدميرها على مراحل، وبموجب هذا الاقتراح فإن الاعتراف بإسرائيل تبعاً لذلك ليس سوى وهم. وأن هذه الخطة تناقض اتفاقية كامب ديفيد" . المجموعة الأوروبية أعلنت أن المبادرة تشكل أساسا للتفاوض، أما الولايات المتحدة فتجاهلت المبادرة و لم تتخذ أي موقف واضح منها. تباين الموقف العربي بين الرافض كسوريا و العراق، بينما أعربت دول أخرى عن الدعم. قيادة وكوادر حركة فتح داخل منظمة التحرير الفلسطينية ، رفضتها بعنف [1]، حيث أعلن فاروق القدومي "إن الظروف غير مناسبة لحل سلمي، وإن الفلسطينيين يرفضون النقطة السابعة في المشروع رفضا قاطعا"[1]، إلأ أن ياسر عرفات دعم المبادرة ، حيث نقل عنه جورج حاوي (الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني) قوله:
استعدوا للضربة، ولقد أديتم بضغطكم هذا إلى موقف سيؤدي إلى رفع الغطاء العربي عنا، واللهم اشهد أني بلغت.
قامت السعودية بسحب مشروعها في قمة فاس في نوفمبر 1981 و ذلك إثر الضغوط التي مورست عليها. حيث قال الناطق الرسمي وقتها :"نظراً لإيمان المملكة التام بأن أي استراتيجية عربية يجب أن تحظى بالتأييد الجماعي لكي تستطيع دفع الموقف العربي إلى الأمام، فقد قام الوفد السعودي بسحب المشروع مؤكداً لمؤتمر القمة أن المملكة العربية السعودية على استعداد تام لأن تقبل أي بديل يجمع عليه العرب".[1] ، يعتقد العديد من الباحثين أن إفشال المبادرة السعودية كان أساسيا لإتمام عملية غزو لبنان في العام الذي تلاها. حيث بدأت إسرائيل بالحضير الفوري للعملية و إنتظرت الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي
بداية عملية الإجتياح
استنادا على لقاء تلفزيوني مع تيمور غوكسل المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة التي كانت منتشرة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية آنذاك فإنه و في تمام الساعة 10:35 صباحا ليوم 6 يونيو 1982 إقتربت 13 دبابة ميركافا عند جسر الحمراء الفاصل وكان هناك في تلك اللحظة 6 جنود هولنديين عند الحاجز حاولوا منع الدبابات من التقدم بوضع عوائق على الطريق ولكن جنود الجيش الإسرائيلي إستمروا بالتقدم هاتفين نحن آسفون هذا غزو تمكن الهولنديون الستة من إعاقة تقدم دبابتين بصورة مؤقتة لكن هذا لم يدم طويلا فقد تلى الدبابات الأولى 1,100 دبابة أخرى [2]. تقدمت القوات الإسرائيلية على عدة محاور تجاه العاصمة بيروت ولكنها واجهت مقاومة عنيفة من قبل مخيميات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني وتعرض الجيش الإسرائيلي إلى مقاومة شرسة عند محاولتها إحتلال قلعة شقيف الإستراتيجية والتي لأهميتها قام مناحيم بيغن بزيارتها شخصيا بعد بسط السيطرة الإسرائيلية على القلعة. استنادا إلى عمر العيساوي فإن القيادة السورية لم تدرك ضخامة العملية العسكرية الإسرائيلية وبالرغم من المباغتة تمكن الجيش السوري من وقف تقدم القوة الإسرائيلية المتجهة إلى ظهر البيدر و قاتلت فيما بعد بشراسة في البقاع [3].
صورة:Beirut time.jpg
غلاف مجلة تايم 16 اغسطس 1982بعد احتلال قلعة شقيف تم تسليم القلعة إلى سعد حداد قائد جيش لبنان الجنوبي الموالية لإسرائيل وبعد أيام سقطت صيدون و صور و دامور معاقل منظمة التحرير الواحدة تلو الأخرى أمام التقدم الإسرائيلي وبدأ الجيش الإسرائيلي بالتقدم نحو الطريق الرئيسي بين بيروت و دمشق مخترقين منطقة الشوف الواقعة في وسط الجنوب اللبناني وفي 8 يونيو 1982 إشتبك الجيش السوري لأول مرة مع الجيش الإسرائيلي. بعد 5 أيام فقط من الإجتياح تمكنت القوات الإسرائيلية من بسط سيطرتها على 1/3 من الأراضي اللبنانية وفي 9 يونيو 1982 وصل الجيش الإسرائيلي إلى مشارف بيروت وفي نفس اليوم تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من من تدمير عدة مواقع للدفاع الجوي السوري بالإضافة إلى إسقاط مقاتلة ميغ 22 سورية في إشتباك جوي ضخم بين 90 مقاتلة إسرائيلية و 60 مقاتلة سورية واضطر الجيش السوري إلى الإنسحاب من منطقة الشوف وفي يوم 14 يونيو 1982 دخل الجيش الإسرائيلي شرق بيروت ذات الأغلبية المسيحية وطوقت القسم الغربي من بيروت الذي كان معقلا رئيسيا للمقاتلين الفلسطينيين وتمكنوا من السيطرة على طريق بيروت - دمشق .
مع اقتراب نهاية شهر يونيو كان هناك 100,000 جندي إسرائيلي في لبنان بينما وصل عدد القوات السورية إلى 40,000 بينما وكان هناك 11,000 مقاتل فلسطيني محاصرين مع ياسر عرفات في غرب بيروت وفي مطلع شهر يوليو قام الجيش الإسرائيلي بفرض حصار على غرب بيروت قاطعة وصول المواد الغذائية والماء إلى تلك المنطقة وتم منع الإنتقال بين شطري بيروت واستمر القصف الإسرائيلي لغرب بيروت بصورة متفاوتة طوال شهر يوليو.
في 12 اغسطس 1982 ومع الإقتراب من الوصول إلى إتفاق وشيك حول آلية مغادرة المقاتلين الفلسطينيين لبيروت قامت إسرائيل بحركة مباغة أثارت استغراب العالم وغضب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بشن أعنف قصف جوي ومدفعي و بحري على بيروت إستمرت لعشر ساعات متواصلة وأدت هذه الحركة الغير متوقعة إلى إثارة غضب ريغان الذي اتصل هاتفيا مع مناحيم بيغن معربا عن استياءه الشديد من ذلك التصرف. توصل الطرفان إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في 18 اغسطس بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب وفي يوم 19 اغسطس خففت إسرائيل من حصارها لغرب بيروت وسمحت لإمدادات الصليب الأحمر بدخول بيروت الغربية
العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
صورة:Alexander Haig.jpg
وزير الخارجية الأمريكية السابق ألكسندر هيجظهرت تدريجيا انقسامات ضخمة في الإدارة الأمريكية بين تيار بقيادة ألكسندر هيج و جين كيركباترك ينادي باستمرار إسرائيل بعملياتها بغض النظر عن المبرر الأصلي، حتى تدمير منظمة التحرير و تيار مناد بكبح جماح إسرائيل بقيادة جورج بوش الأب و جيمس بيكر و وليام كلارك. دخل السوفيت على الخط و أرسل ليونيد الييتش بريجنيف إلى رونالد ريغان يخبره عن قلقه و يلمح له عن إمكانية توسع النزاع وهنا شعر ريغان ان وزير خارجيته لم يكن يعمل معه بنفس الاتجاه وإنه منحاز إلى إسرائيل و أرسل مذكرة إلى مناحيم بيغن قال فيها:
إنني أشعر ببالغ القلق نتيجة للتقارير الاخيرة عن حدوث زحف اسرائيلي آخر إلى وسط لبنان، وتصاعد العنف بين اسرائيل وسوريا. لقد تجاوزت قواتكم كثيرا من الأهداف التي ابلغتمونا بها. وقد تكون المزايا التعبوية ظاهرة ولكن الحاجة الأكثر أهمية هي تفادي نشوب حرب أوسع باشتراك سوريا، وربما باشتراك السوفيت أيضا. وقد تلقيت اليوم رسالة من بريجنيف تعرب عن بالغ القلق من أن وضعا خطيرا جدا قد ينشأ، وأنه قد يخلق امكانية تفجر أعمال عسكرية أوسع نطاقا. وبطبيعة الحال، فانني لم أقبل معظم النقاط التي وردت في رسالته، إلا أن خطر حدوث تصاعد آخر لا يزال قائما ولقد اصبح واضحا الآن انه حدث تصاعد في أعمال العنف بين سوريا وإسرائيل. وإنني ادعوك الآن لأن تقبل وقف إطلاق النار إلى الساعة السادسة صباحا يوم الخميس 10 يونيو 1982. وأناشدك أن توصي حكومتكم بقبول اقتراحي ، مناحم، إن رفض إسرائيل قبول وقف اطلاق النار سيزيد بدرجة أكبر من التحديد الخطير الذي يتعرض له السلام العالمي، وسوف يخلق توترا شديدا في علاقاتنا."[1]
إعتقد إسرائيل أن تيار ألكسندر هيج قادر على الضغط على الرئيس الأمريكي. وصل الخلاف بين الرجلين إلى درجة ضخمة، و بدأ هيج يخفي رسائل و برقيات حبيب عن البيت الأبيض، الأمر الذي اضطر حبيب إلى استعمال خط هاتفي أمن للإتصال مباشرة مع البيت الأبيض. [1]، و في النهاية و مع شعور هيغ بالمحاصرة و انعدام ثقة ريغان به، هدّد شفويا بالاستقالة، و قبلها ريغان فورا بدون كتابتها. [1]. بعض المحللين يدافع عن هيغ و يعتبره كبش فداء لفشل سياسة البيت الأبيض في لبنان. باستقالة ألكسندر هيج أصبح جورج شولتز وزيرا للخارجية. شولتز كان يرى أن الغزو الاسرائيلي يدمر عملية السلام وأدرك إمكانية الولايات المتحدة وضع مبادرة لعملية السلام، و بدأ صنع مشروعه لعملية سلام عربي إسرائيلي . في 30 يوليو عرضت المبادرة على ريغان و ظهر مشروع ريغان لمنطقة الشرق الأوسط حيث عارض قيام دولة فلسطينية مستقلة و اعتمد فكرة عودة السيطرة الاردنية على الضفة الغربية، و قطاع غزة على شكل اتحاد فدرالي . من جهة أخرى رأى مناحيم بيغن أن ريغان تجاوز مرحلة الصداقة[1]، وقام بمعارضة رؤية ريغان الداعية إلى مبدأ الأرض مقابل السلام. و كان أرئيل شارون يؤكد أنه سيحل القضية من خلال جنازير الدبابات إلا أن مقتل بشير الجميل الذي نصبه الأمريكان لتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان و إدانة شارون بتهمة التغاضي عن جريمة مخيمي صبرا وشاتيلا حيث تم إخراجه من الحكومة أدى إلى إفشال مساعي الدولة الإسرائيلية في إخراج المنظمة من اللعبة السياسية.
محاور القتال
الجيش اللبناني: لم يتدخل في الصراع نهائيا و بقي على الحياد.
الجيش السوري: لم تدخل القوات السورية القتال إلى أن قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف 14 بطارية للصواريخ من طراز سام 2، 3، 6 روسية الصنع من أصل 19 بطارية كانت سوريا قد نصبتها في لبنان ولحقت أضرار بأربع بطاريات أخرى على أثر ذلك تم صدام في الجو بين ما يقارب 200 طائرة سورية و ما يقاربها من الإسرائيلية و تم تدمير قرابة 40 طائرة سورية في يوم واحد مما أمن السيطرة الجوية لإسرائيل بعد معركتين أرضيتين سريعتين قامت سوريا بتوقيع هدنة في يوم 11 يونيو معلنة توقفها عن القتال.
المقاتلين الفلسطينين: كان معظم المقالتلين الفلسطينين مسلحين تسليحا خفيفا مما جعلهم يستعملون أسلوب المقاومة و حرب العصابات .
بيروت المحاصرة
تفاجأ ياسر عرفات بوصول برقية من الجنوب تنبئ بأن القوات الإسرائيلية تعدت صور شمالا و بسرعة . جورج حاوي نقل عن عرفات قوله : ده مش ممكن لا مستحيل،و اتصل مع الحاج إسماعيل ليستفهم منه عن الأوضاع، إلا أن الحاج إسماعيل كان منشغلا بإخراج القوات من صيدا بسبب محاصرة الإسرائيلين لها. تفاجأ الجميع بحجم الإجتياح، بالرغم من أن بشير الجميل كان قد أكد في أكثر من مرة أن القوات الإسرائيلية قادمة، يعزى ذلك إلى خطاب ريغان الذي أكد أن الدخول سيكون محدودا بثلاثين كيلومترا.
تشكل في 14 يونيو 1982 ما عرف باسم القيادة المشتركة للقوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية أو هيئة الإنقاذ الوطني في بيروت بدعوة من الرئيس اللبناني إلياس سركيس ضمت زعماء الطوائف الرئيسية في لبنان و كتيبتين سوريتين استمرتا في القتال على الرغم من توقيع سوريا إتفاقية الهدنة. كان هدف هيئة الإنقاذ هو منع تفاقم أزمة المواجهة المسلحة بين اسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية ولكنه وبصورة تدريجية اصبحت هيئة الإنقاذ هذه عاجزة عن إنجاز اي نتيجة ملموسة و بعد 9 ايام من تشكيلها إنسحب وليد جنبلاط منها واصفا الهيئة "بهيئة دفن القتلى" .
مع اقتراب نهاية فترة حكم الرئيس اللبناني إلياس سركيس تم تنظيم إنتخابات رئاسية في بيروت وقام البرلمان اللبناني في 23 اغسطس 1982 بإنتخاب بشير الجميل رئيسا بإجماع 57 صوتا وإمتناع 5 عن التصويت وعدم إشتراك أغلبية الكتلة المسلمة في البرلمان الذي اعتبر الجميل حليفا لإسرائيل وقبل 9 أيام من تسلم الجميل مهامه الرئاسية وفي 14 سبتمبر 1982 تم اغتياله بقنبلة موقوتة وبعد أسبوع وفي 21 سبتمبر 1982 انتخب البرلمان اللبناني شقيقه أمين الجميل رئيسا الذي قام بتوجيه دعوة إلى زعيم الكتلة المسلمة ورئيس الوزراء شفيق الوزان (1925 - 1999) بالبقاء في منصبه كرئيس للوزراء في محاولة من الجميل لتضييق الفجوة وتوحيدالصفوف . على الصعيد الإقتصادي إنخفض قيمة الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية وظهر بوادر عجز للحكومة اللبنانية في فرض الضرائب ووصل نسبة التضخم إلى 20% - 30% وتم تدمير واسع النطاق للبنية التحتية في لبنان .
في 13 يونيو قامت القوات الإسرائيلية و مليشيا بشير الجميل بمحاصرة بيروت، إلى 28 أغسطس . طوال فترة الحصار قامت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت من البر باستعمال المدفعية و من الجو و البحر. تم تسوية معظم المدينة بالأرض ، قتل أكثر من 30،000 مدني لبناني و إصيب أكثر من 40،000 شخص أكثر من نصف مليون شخص نزحوا عن بيروت و في فترة الست و سبعون يوما استمرت إسرائيل بمنع المعونات الدولية و الإنسانية عن بيروت. صرحت إسرائيل أن مسؤولية الوفيات و الدمار الذي أصاب البنية التحتية و الخسائر البشرية هو إستعمال منظمة التحرير الفلسطينية المدنيين كدروع بشرية و استعمال منازل المدنيين كمعاقل للقتال مما اضطر إسرائيل مرغمة على القصف لتدمير البنية التحتية التي يمكن أن يستعملها المقاتلين أو المخربين حسب تعبير إسرائيل. استعملت إسرائيل في هجومها على بيروت أسلحة محرمة دوليا بدأ من القنابل العنقودية و الفسفورية مرورا بالنابالم و ألعاب الأطفال المفخخة، و إنتهاء بقنابل بخار الوقود. أعاد كل من رونالد ريغان و هنرى كسنجر التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. و تم منع جميع المبادرات التي قدمت لإيقاف القتال. انتهى الاحصار بمسح كامل لثلث بيروت من الخارطة.
قدم رونالد ريغان ضمان شخصيا للمقاتيلن الفلسطينين بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس و اضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و 800 جندي فرنسي و 400 إيطالي. غادر 14،614 مقاتل فلسطيني بيروت إلى تونس تحت القصف الإسرائيلي، بالرغم من الحماية الدولية. على الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985 1،216 جندي إسرائيلي. على الصعيد السياسي أوفت إسرائيل بوعودها و بضغط أمريكي لبشير الجميل حيث أصبح رئيسا للبنان إلا أنه في 14 سبتمبر تم اغتياله هو و 25 من طاقمه بتفجير ضخم استهدف مقره.
تغيرت الخريطة السياسية اللبنانية بصورة جذرية بعد الغزو الإسرائيلي فبالرغم من أن الميليشيات المسيحية اللبنانية لم تشترك فعليا في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي إلا أنها إنتشرت وهيمنت على المناطق التي كانت تحت سيطرة اسرائيل وخاصة في الجنوب اللبناني التي هيمنت عليها حزب الكتائب اللبنانية وقامت إسرائيل أثناء الغزو بنزع سلاح المجموعات الدرزية التي كانت في صراع مسلح مع حزب الكتائب . عمل حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل جاهدا على نزع سلاح الفلسطينين في سائر أنحاء لبنان . تمكنت حركة فتح من أسر ستة جنود إسرائيليين، تم مبادلتهم لاحقا بخمسة آلاف معتقل لبناني وفلسطيني تم إحتجازهم في معتقل أنصار في جنوب لبنان
في مساء 16 سبتمبر، قامت القوات الإسرائيلية بمحاصرة مخيمات صبرا و شاتيلا لللاجئين الفلسطينين ،و سمحت بدخول حوالي 350 عنصر مسيحي إلى المخيمات تحت ذريعة البحث عن مقاتلين فلسطينين. تم ذبح ما يقارب 3000 مدني أعزل بالرغم من التعهدات الأمريكية بحماية المدنيين الفلسطينيين بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، يعتقد الكثير أن العملية كانت رد فعل على اغتيال الجميل.
القصف الأمريكي
بعد الحرب كان مايقارب 98% من الأراضي اللبنانية تحت سيطرة وحماية قوات متعددة الجنسية وميليشيات لبنانية مختلفة وكانت الحكومة اللبنانية مهيمنة فقط على بيروت و ضواحيها. في عام 1983 كان هناك 30,000 جندي إسرائيلي في الجنوب اللبناني وكان شرق و شمال لبنان تحت سيطرة 40,000 جندي سوري و 10,000 مقاتل فلسطيني بالإضافة إلى هذه الأرقام كان هناك 10,000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة من الولايات المتحدة و ايطاليا و بريطانيا و فرنسا.
تدريجيا أصبحت القوات المتعددة الجنسية مستهدفة بشكل يومي وفي 19 سبتمبر 1983 وفي خطوة مثيرة للجدل قامت البارجات الأمريكية بقصف معاقل القوات الدرزية في سوق الغرب علما ان المارينز المرابطين حول بيروت والبالغ عددهم 1,600 لم يتعرضوا لإستهداف مباشر لحين تلك اللحظة ولكن الأمر تغير بعد ذلك القصف الذي قام به بارجتان أمريكيتان وأصبح المارينز بعد ذلك مستهدفين في عمليات إطلاق نار بالقناصات من قبل أطراف مجهولة وبحلول شهر نوفمبر 1983 تم قتل 6 من المارينز.
تفجير السفارة الأمريكية في بيروت
صورة:Embassy bombing.jpgفي 18 ابريل 1983 اقتربت سيارة مفخخة من سفارة الولايات المتحدة في بيروت وحدث انفجار هائل أدى إلى تدمير كامل للقسم المركزي للبناية وتسبب الانفجار في سقوط 60 قتيلا بينهم 17 أمريكيا و 100 جريح ، تبنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن الحادث ويلقي الكثيرين بالمسؤولية الرئيسية في تنظيم الإنفجار إلى عماد فايز مغنية وتم لاحقا توجيه التهمة إلى فايز مغنية بضلوعه في التخطيط لتفجير سيارة مفخخة في حاجز عسكري مشترك للمارينز و القوات الفرنسية في 23 اكتوبر 1983 والذي أدى إلى مصرع 58 جنديا فرنسيا و 241 من المارينز وتم اتهامه أيضا بتخطيطه لإختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847 في 14 يوليو 1985 والتي كانت متوجهة من روما إلى بوسطن [4] ، [5].
كانت السيارة المفخخة التي دمرت السفارة محملة بحوالي 180 كغم من المتفجرات وكانت السيارة حسب تقارير وكالة المخابرات الأمريكية قد تمت سرقتها قبل عام واحد من السفارة الأمريكية وكانت تحمل شارة السفارة واستطاع سائقها لهذا السبب من الدخول بسهولة إلى مرآب السفارة . كان من بين القتلى الأمريكيين 8 موظفين لوكالة المخابرات الأمريكية وكان تفجير السفارة حسب تصريحات الجهة المنفذة ردة فعل على مذبحة صبرا وشاتيلا . بعد حادثة تفجير السفارة تم نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلي بيروت الشرقية ولكن الموقع الجديد تعرض إلى إستهداف بسيارة مفخخة أخرى في 20 سبتمبر 1984 وقتلت في هذه المرة 2 امريكيا و 20 لبنانيا[6]
إتفاق 17 أيار
نص إتفاقية 17 أيار
بيان مجلس الوزراء اللبناني بإلغاء اتفاق 17 أيار في بيروت 3 مارس 1984
مع اقتراب نهاية ديسمبر 1982 دخلت لبنان في محادثات مع اسرائيل وبوساطة الولايات المتحدة لغرض التوصل إلى نوع من التطبيع في العلاقات وإيجاد آلية لإنسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان مع ضمانات بعدم تعرض الحدود الشمالية لإسرائيل لهجمات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وبعد مفاوضات و محادثات إتسمت بالصعوبة و استغرقت 6 أشهر توصل الطرفان إلى ما سمي بإتفاق 17 أيار أو "اتفاق جلاء القوات الإسرائيلية" حيث وافق الطرفان بإنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة بين الدولتين منذ قيام دولة اسرائيل في عام 1948 بالرغم من إصرار اسرائيل على توقيع اتفاقية سلام رسمية إلا أن لبنان اكتفت باتفاقية "عدم الحرب" حيث كانت القيادة اللبنانية متخوفة من عزلة مع بقية العالم العربي إن وقعت على اتفاقية سلام مشابهة للعزلة التي حدثت لمصر عقب اتفاقية كامب ديفيد.
نصت الاتفاقية على انسحاب الجيش الإسرائيلي في غضون 8 - 12 أسابيع بشرط ان تقوم سوريا و منظمة التحرير بالإنسحاب أيضا. بالرغم من عدم تشكيل علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات بين لبنان و اسرائيل إلا أن الطرفان وافقا على وجود هيئات دبلوماسية للدولتين على أراضي الآخر . من النقاط المثيرة للجدل في ذلك الأتفاق كان تشكيل حزام أمني اسرائيلي في جنوب لبنان يتواجد فيه اقل من 4,341 جندي من كلا الجيشين اللبناني و الإسرائيلي مع تعاون مستمر بين الجيشين على هيئة دوريات مشتركة. من النقاط الحساسة في ذلك الإتفاق كان وضع الرائد سعد حداد و جيش لبنان الجنوبي فبالرغم من أن الاتفاقية لم تذكر الرائد حداد بالإسم إلا أنها نصت على قبول حماية الحزام الأمني من قبل "قوات محلية" . وقع عن لبنان السفير أنطوان فتال بينما وقع ديفيد كمحي رئيس الوفد الإسرائيلي كما وقع أيضا المندوب الأميركي موريس درايبر على هذه الوثيقة. وافق البرلمان اللبناني على هذه الوثيقة بالأكثرية حيث عارضه نائبان فقط وفي إسرائيل وقعت الكنيست على الاتفاق . بقيت هذه الإتفاقية مجرد حبر على الورق حيث لم ينسحب الجيش الإسرائيلي و الجيش السوري من الأراضي اللبنانية وإعتبر الرئيس السوري حافظ الأسد بقاء إسرائيل في الجنوب اللبناني منافيا لمبادئ سيادة لبنان و خطرا على أمن سوريا.
رد الفعل الشعبي و مونديال 1982
تزامن حصار بيروت مع إنطلاق كأس العالم لكرة القدم 1982 في إسبانيا. و الذي شهد دخول دولتين عربيتيين هما منتخب الكويت لكرة القدم و الجزائر. و بدأ حصار و قصف الميليشيات و إسرائيل لبيروت يوم 13 يونيو 1982 و هو نفس اليوم الذي لُعبت به أول مبارة في المونديال بين الأرجنتين و بلجيكا. يعتقد الكثير أن اختيار توقيت الإجتياح بالتزامن مع مونديال 1982 كان ضمن ترتيبات الإجتياح. [1] [1].
إنشغل العالم العربي وقتها بالإحداث المتسارعة في المونديال، فالجزائر فازت على منتخب ألمانيا لكرة القدم 2-1 في 16 يونيو، و على تشيلي في 24 يونيو. و فهد الاحمد الصباح رئيس الإتحاد الكويتي لكرة القدم انذاك، عطل مبارة الكويت و منتخب فرنسا لكرة القدم في 21 يونيو محتجا على هدف رابع سجلته فرنسا في شباك الكويت بعد أن نزل إلى أرض الملعب لمدة سبع دقائق، و اضطر الحكم الروسي ميروسلاف ستوبار لإلغاء الهدف. قام الاتحاد الدولي لكرة القدم بتغريم الأمير فهد مبلغ 8000 جنيه إسترليني بسبب تدخله. و ايقاف الحكم و عدم إسناد باقي مبارياته له[1].
يذكر جورج حاوي الصدمة برد الفعل العربي الشعبي فيقول:
عدما يزداد القصف يزداد التحدي، ومخيل الآن العالم سيهتز إن بيروت تحترق، إن قذيفة قد دخلت ملجأ في برج براجني فقتلت 75 أو أكثر بريئاً، الآن العالم سيهتز، شوارع الجزائر ستنزل بها المظاهرات، فإذا بنا نفاجأ أن المظاهرة إنها كانت تعمل لفريق الجزائر اللي انتصر على ألمانيا في كرة القدم.[1]
بينما خرجت مظاهرابسبب ما فسره العرب بالمؤامرة[1] [1] لإخراج الجزائر من الدور الأول في المباراة بين ألمانيا الغربية و النمسا في 25 يونيو. كانت المظاهرات الوحيدة في الشرق الأوسط التي خرجت تستنكر الإجتياح، كما يذكر فيصل القاسم هي المظاهرات الضخمة التي نظمتها حركة السلام الآن في إسرائيل للمطالبة بلإنسحاب من لبنان[1]. كما قام الفريق الإيطالي بإهداء لبنان كأس العالم (رمزيا) تعاطفا معه
سبق غزو لبنان 1982 تصاعد للقلق الإسرائيلي من تجمع قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جنوب لبنان منذ وقف إطلاق النار الذي تم إبرامه في يوليو 1981 بين اسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب ، إعتبرت إسرائيل تجمع أعضاء منظمة التحرير في الجنوب اللبناني تهديدا لأمن الحدود الشمالية لإسرائيل. في 21 ابريل 1982 قصف سلاح الجو الإسرائيلي موقعا لمنظمة التحرير في جنوب لبنان و في 9 مايو 1982 قامت منظمةالتحرير الفلسطينية بالرد بقصف صاروخي لشمال إسرائيل وتلى هذا القصف المتبادل محاولة لاغتيال سفير إسرائيل في بريطانيا ، شلومو أرجوف في 3 يونيو 1982 فقامت إسرائيل وكرد على عملية الإغتيال هذه بقصف لمنشأت و مواقع تابعة لمنظمة التحرير في قلب بيروت ، ومن الجدير بالذكر أن منفذي محاولة اغتيال شلومو أرجوف كانوا من جماعة أبو نضال المناهضة لياسر عرفات والتي كانت تعرف ب بإسم فتح-المجلس الثوري (توفي شْلومو أرْغوف عام 2003). في اليوم التالي من محاولة الإغتيال و القصف الإسرائيلي لبيروت قامت منظمة التحرير بقصف شمال إسرائيل مرة أخرى وقتل في هذا القصف إسرائيلي واحد . في 5 - 6 يونيو 1982 بدأت إسرائيل حملة قصف جوي و مدفعي كثيف على صيدون و النبطية و الدامور وتبنين وعرنون وقلعة بيفورت ودخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية في 6 يونيو 1982 وتم اجتياز المواقع الذي كان يشغلها 7,000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة بكل سهولة .
قدم رونالد ريغان الرئيس الأمريكي وقتها الغطاء لإسرائيل في هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوء الأخضر لتدمير منظمة التحرير، و أكدت إسرائيل للأمريكين أنها ستدخل لبنان لمسافة لا تتجاوز 30 كيلومترا لتحقيق أمنها و الدفاع عن نفسها. كان ريغان لا يمانع في القيام بعملية سريعة تكون بمثابة درس قوي لمنظمة التحرير الفلسطينية و لسوريا حليفة الاتحاد السوفيتي الشيوعية حيث صرح دافيد كمحي بأنه لم يكن هناك مقاومة قوية لخطط أرئيل شارون في واشنطن وإن الولايات المتحدة لم تستطيع منع اسرائيل من الهجوم و في مقالة في واشطن مع شارون قال هيج: إننا نفهم أهدافكم ولا نستطيع أن نقول لكم لا تدافعوا عن مصالحكم)[1] وقام وزير الخارجية الأمريكي، الجنرال ألكسندر هيغ بإخبار شارون عن الحاجة إلى "استفزاز واضح يعترف به العالم" بهدف شنّ الهجوم. ويرى البعض أن عملية أبو نضال لمحاولة إغتيال السفير الإسرائيلي في لندن جاءت في اللحظة المناسبة تماما بصورة غريبة[1]. [1].
قاد العمليات الإسرائيلية أرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت في الحكومة التي رأسها مناحيم بيغين. أعلن وقتها أن السبب هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية و صواريخ الكاتيوشا إلى مسافة 40 كيلوا عن حدود اسرائيل. تعدلت الأهداف لاحقا، حيث أعلن الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية آفى بارنز إن أهداف إسرائيل هي:
إجلاء كل القوات الغربية عن لبنان و من ضمن ذلك الجيش السوري
تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية
مساعدة القوات اللبنانية على السيطرة على بيروت و تنصيبها كحكومة لبنانية تملك سلطة وسيادة على كامل التراب اللبناني
توقيع إتفاقية سلام مع الحكومة اللبنانية و ضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية
دخول القوات السورية: كانت الولايات المتحدة قد أرسلت بالكثير من الإشارات لسوريا بموافقتها للتدخل السوري في الأراضي اللبنانية، ففي 21 يناير 1976 أعلن الناطق باسم البيت الأبيض: إن الرئيس جيرالد فورد تخلى عن معارضته لتدخل عسكري خارجي في لبنان ، وإن الولايات المتحدة كان من الضروري عليها ، أن تأخذ بعين الاعتبار طبيعة ومآرب سوريا ونواياها . بعد حوالي الإسبوع في 29 يناير أعلن الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية: إن الولايات المتحدة تعترف بأهمية الدور الذي تقوم به سوريا ، بالنسبة لتسوية الأزمة اللبنانية.و نقل عن هنرى كسنجر قوله:
بإن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في لبنان ، وإننا شجعنا البادرة السورية هناك ، وإن الوضع يسير لصالحنا ويمكن رؤية خطوط تسوية.
صحيفة "هآرتس" ذكرت أن العاهل الأردني الملك حسين قدم في 11 إبريل 1976 تعهدا من الرئيس حافظ الاسد بأن الجيش السوري لن ينتشر في جنوب لبنان ولن يقترب من الحدود مع اسرائيل وأنه سيعمل على ضبط كل الجماعات الفلسطينية المسلحة التي قد تفكر بشن عمليات على شمال اسرائيل". و أعطى إسحاق رابين، في رسالة وجهها إلى الملك حسين في 28 أبريل، موافته لدخول القوات السورية إلى لبنان. في 31 مايو عبرت القوات السورية، تحت مسمى قوات الردع، الحدود مع لبنان و صلت إلى منطقة عكار شمال لبنان، و بدخول يوم 1 يونيو بدأت القوات السورية تسيطر على المواقع الاستراتيجية في سهل البقاع. الإذاعة الإسرائيلية نقلت تصريح رئيس الوزراء إسحاق رابين :إن إسرائيل لا تجد سبباً يدعوها لمنع الجيش السوري من التوغل في لبنان ، فهذا الجيش يهاجم الفلسطينيين ، وتدخلنا عندئذ سيكون بمثابة تقديم دعم للفلسطينيين ، ويجب علينا أن لانزعج القوات السورية أثناء قتلها للفلسطينيين فهي تقوم بمهمة لا تخفى نتائجها الحسنة بالنسبة لنا . .وكالة الصحافة الفرنسية نقلت تصريح لموشي دايان في 5 يونيو: بإن على إسرائيل أن تظل في موقف المراقب ، حتى لو غزت القوات السورية بيروت واخترقت الخط الأحمر ، لأن غزو القوات السورية للبنان ، ليس عملاً موجهاً ضد أمن إسرائيل. يعتقد البعض أن التدخل السوري كان منسقا أيضا مع الموارنة، حيث صرح الرئيس اللبناني كميل شمعون في 16 يونيو 1976: لقد اتفقنا مع سوريا على خطط ترضينا. و في 9 أغسطس صرح من دمشق بقوله : أنني أثق ثقة كاملة بالرئيس حافظ الأسد ، و سوريا هي الدولة الوحيدة التي تستطيع فرض السلام في لبنان .[1] . و بعد أكثر من ستة أسابع في 20 يوليو القى الرئيس السوري خطابه الشهير من مدرج جامعة دمشق معلنا أنه ليس بحاجة لطلب الإذن لدخول لبنان. حيث قال وقتها:
"قررنا ان ندخل تحت عنوان جيش التحرير الفلسطيني, وبدأ هذا الجيش بالدخول إلى لبنان ولا احد يعرف هذا أبدا، لم نأخذ رأي الاحزاب الوطنية ولا غيرها ولم نأخذ أذنا من أحد".
عملية الليطاني، في الرابع عشر من مارس 1978،أقامت إسرائيل حزاما أمنيا بمسافة عشرة كيلو مترات لحماية شمالها من هجمات الفدائيين، أدان مجلس الأمن هذه العملية مصدرا قرار 425 الذي يطلب من إسرائيل الانسحاب الفوري غير المشروط من لبنان، تجاهلت إسرائيل هذا القرار، خاصة أنه لم يمارس عليها أي ضغط دولي أو أميركي أو حتى عربي.
خدعة ميليشيا القوات اللبنانية، في فترة أواخر العقد السبعين وبداية عقد الثمانين، قسم لبنان فعليا إلى مناطق نفوذ عسكرية موزعة بين السوريين والفلسطينيين والإسرائيليين و الميليشيات اللبنانية المتعددة المتحالفة معهم، يصف تيمو غوكسل المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة الوضع فيما يخص الإسرائيلين قائلا:
الإسرائيليون لم يسلموا المناطق التي احتلوها، وأخذوا يختلقون الأعذار، وأخيراً ابتكروا رائعة من الروائع، قالوا: نعم، انسحبنا ولكن هاهو الرائد حداد، إنه يسيطر على هذه المنطقة وهو صديقنا فلم نحتل أراضيه. ولكن عذراً، ألم تحتلوا البلاد؟! لا.. نحن لم نحتل منطقته، مررنا بها فقط لأنه صديقنا، نحن راحلون، تعمل مع الرائد حداد مَنْ؟ هاهو رائد لبناني غريب علينا التعامل معه ومعرفة خلفيته. كان ابن المنطقة وربما كانت نيته من أحسن ما يكون تجاه منطقته، ولكن كيف يفكر؟ لم نعرف طبيعة علاقته بالجيش اللبناني، كان يقول أنه عسكري لبناني، ولكن الإسرائيليين كانوا يدفعون راتبه، ثم يريدون من القوات الدولية أن ترتب الأمور ثم يكمل واصفا الفلسطينيين :كان الفلسطينيون يتدخلون كثيراً في حياة الناس، كانوا منتشرين في كل مكان مدججين بالسلاح ومتعجرفين، اسميها عجرفة الكلاشينكوف، كان الكل يملك مدفعاً للطائرات، يبدو أنه كان لدى منظمة التحرير أموال طائلة، فلم أكن أصدق عيني، إذ كان المقاتلون يذهبون إلى السوق مصطحبين المدافع المضادة للطائرات. في إحدى المرات ذهبت من الناقورة إلى بيروت فمررت بأربعة عشر حاجزاً كلها للفلسطينيين باستثناء اثنين للجماعات اللبنانية مرتبطة بالفلسطينيين.
إلا أن الوضع على الأرض بالرغم من المناوشات اليومية بين الجميع كان جامدا، على شكل إستنزاف مادي و بشري للميليشيات المختلفة، بدون تحقيق أي نتيجة، الأمر الذي دفعها لتغير الوضع بحيث تخرج من الجمود، كما عبر رودلف بوليكوفيتش (المستشار الإعلامي للرئيس كميل شمعون) :لا تلم أحداً بعد أن تضعه في زاوية، لا تلمه لأن محشور، فأنت حشرته، السوريون حشرونا ، أعلنت ميليشيا القوات اللبنانية، بشير الجميل، أنه لا يجوز الفصل بين مسيحيي البقاع والجبل، و تحركت من جبال كسروان إلى البقاع باتجاه مدينة زحلة. البقاع كونه عمقا إستراتيجيا لسوريا عنى ان سوريا لا يمكن ان تسمح بهذه الحركة. إستعملت سورية طائرت الهيلوكوبتر لقصف ميليشيا القوات اللبنانية، وفرضت حصار عليهم في مدينة زحلة حيث تحصنوا فيها، وبدأت بقصفها بمشاركة الميليشيات المناوئة. و قام بشير الجميل بإرسال جوزيف أبو خليل (رئيس تحرير جريدة العمل التابعة للقوات اللبنانية وقت الأحداث) إلى الإسرائيليين لإقناعهم بأن القوات الجوية العربية السورية بخرقه الأجواء يعتبر أقدم على إعلان الحرب، مما قدم الذريعة لإسرائيل للتدخل كما قال مناحيم بيغن:
السوريون استخدموا طوافات زودهم بها السوفييت والفرنسيون وقتلوا الكثير من المسيحيين في الجبل. الجبل هو نقطة استطلاع أساسية يمكن منها قصف مدينة (جونيا) وجونيا هي الميناء الوحيد الذي يستخدمه المسيحيون، ولذا يكون بإمكان السوريين –من وجهة النظر المسيحية- فرض حصار على لبنان. المسيحيون يواجهون الآن خطراً داهماً، ونحن ملتزمون أخلاقياً بإنقاذهم وسوف ننجدهم.
قام سلاح الجو الإسرائيلي بإسقاط طوافتين سوريتين، فجاء رد سوريا سريعا بإدخال صواريخ سام 6 المضادة للطائرات إلى سهل البقاع، دخل سلاح الطيران السوري لحماية الصواريخ وحصلت مناوشات جوية في أجواء لبنان. اعتبرت إسرائيل ما حصل خرقا لاتفاق الخطوط الحمر، و اعتبرت سورية أن تل أبيب كانت البادئة بخرق الاتفاق من خلال هجومها على القوات السورية.
الهدنة على الحدود الشمالية مع إسرائيل في 10 يوليو 1981 و بعد فوز الليكود في انتخابات الكنيست في شهر يونيو، قامت إسرائيل بشن غارات جوية عنيفة على عدة مواقع في جنوب لبنان، و في 17 يوليو قصفت مراكز قيادة حركة فتح و الجبهة الديمقراطية في بيروت الغربية.[1] و إستمر القصف اللى يوم 24 يوليو و ذلك بعد صدور قرار من مجلس الأمن في 22 يوليو يطالب فيه بوقف فوري للهجمات المسلحة على لبنان. تمت التوقف بناء على مساعي موفد الرئاسة الأمريكي، فيليب حبيب ، بين منظمة التحرير وإسرائيل.[1] . حبيب كان واضحا بأنه في حالة حدوث أي مناوشة عسكرية مع إسرائيل أو أي اعتداء بالمفهوم الأميركي لإسرائيل فسيجري اجتياح كبير. بينما إلتزمت منظمة التحرير الفلسطينية بالهدنة التي رعتها الولايات المتحدة و أمنت حدودا شمالية أمنة لإسرائيل، خرقت إسرائيل الهدنة 2777 مرة في الفترة بين عامي 1981 و 1982.
الشرق الأوسط الجديد و مشروع السلام السعودي: في أبريل 1981 و في أثناء زيارة إلى عدة دول في الشرق الأوسط، دعا وزير الخارجية الأمريكي ألكسندر هيغ إلى قيام شرق أوسط جديد. حيث قال:
إن النزاع العربي الإسرائيلي يجعل بعضاً من أوثق أصدقائنا منقسمين على أنفسهم. والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط لا يمكن حمايتها إلا باستراتيجية لا تغفل تعقيدات المنطقة ولا التهديد بحدوث تدخل خارجي. والولايات المتحدة تعتبر عملية السلام، والجهود المبذولة لمواجهة التهديدات السوفييتية والإقليمية، تعزّز بعضها بصورة متبادلة، فإذا كان أصدقاؤنا العرب على استعداد أكبر لركوب المخاطر من أجل السلام مع الإسرائيليين فإن التعاون في مجال الأمن سيكون سهلاً، باعتباره تعاوناً ضرورياً لردع أي تدخل سوفييتي ولردع الدول العاملة لحسابه
، في 7 أغسطس 1981، بمبادرة الأمير فهد ولي العهد السعودي، المكونة من ثمانية مبادئ هي
انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت في العام 1967 بما فيها القدس العربية.
إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد العام 1967.
ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.
تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة.
تخضع الضفة الغربية و قطاع غزة لفترة انتقالية تحت أشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.
قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس.
تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام.
تقوم الأمم المتحدة أو بعض الدول الأعضاء فيها بضمان تنفيذ تلك المبادئ.[1]
رفضت مصر المبادرة فورا، وأعلنت عن تمسكها باتفاقية كامب ديفيد،و في 9 أغسطس، رفضها أيضا مناحيم بيغن. و أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيان جاء فيه[1] :"إن إسرائيل ترى في الاقتراح السعودي خطة لتدميرها على مراحل، وبموجب هذا الاقتراح فإن الاعتراف بإسرائيل تبعاً لذلك ليس سوى وهم. وأن هذه الخطة تناقض اتفاقية كامب ديفيد" . المجموعة الأوروبية أعلنت أن المبادرة تشكل أساسا للتفاوض، أما الولايات المتحدة فتجاهلت المبادرة و لم تتخذ أي موقف واضح منها. تباين الموقف العربي بين الرافض كسوريا و العراق، بينما أعربت دول أخرى عن الدعم. قيادة وكوادر حركة فتح داخل منظمة التحرير الفلسطينية ، رفضتها بعنف [1]، حيث أعلن فاروق القدومي "إن الظروف غير مناسبة لحل سلمي، وإن الفلسطينيين يرفضون النقطة السابعة في المشروع رفضا قاطعا"[1]، إلأ أن ياسر عرفات دعم المبادرة ، حيث نقل عنه جورج حاوي (الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني) قوله:
استعدوا للضربة، ولقد أديتم بضغطكم هذا إلى موقف سيؤدي إلى رفع الغطاء العربي عنا، واللهم اشهد أني بلغت.
قامت السعودية بسحب مشروعها في قمة فاس في نوفمبر 1981 و ذلك إثر الضغوط التي مورست عليها. حيث قال الناطق الرسمي وقتها :"نظراً لإيمان المملكة التام بأن أي استراتيجية عربية يجب أن تحظى بالتأييد الجماعي لكي تستطيع دفع الموقف العربي إلى الأمام، فقد قام الوفد السعودي بسحب المشروع مؤكداً لمؤتمر القمة أن المملكة العربية السعودية على استعداد تام لأن تقبل أي بديل يجمع عليه العرب".[1] ، يعتقد العديد من الباحثين أن إفشال المبادرة السعودية كان أساسيا لإتمام عملية غزو لبنان في العام الذي تلاها. حيث بدأت إسرائيل بالحضير الفوري للعملية و إنتظرت الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي
بداية عملية الإجتياح
استنادا على لقاء تلفزيوني مع تيمور غوكسل المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة التي كانت منتشرة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية آنذاك فإنه و في تمام الساعة 10:35 صباحا ليوم 6 يونيو 1982 إقتربت 13 دبابة ميركافا عند جسر الحمراء الفاصل وكان هناك في تلك اللحظة 6 جنود هولنديين عند الحاجز حاولوا منع الدبابات من التقدم بوضع عوائق على الطريق ولكن جنود الجيش الإسرائيلي إستمروا بالتقدم هاتفين نحن آسفون هذا غزو تمكن الهولنديون الستة من إعاقة تقدم دبابتين بصورة مؤقتة لكن هذا لم يدم طويلا فقد تلى الدبابات الأولى 1,100 دبابة أخرى [2]. تقدمت القوات الإسرائيلية على عدة محاور تجاه العاصمة بيروت ولكنها واجهت مقاومة عنيفة من قبل مخيميات اللاجئين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني وتعرض الجيش الإسرائيلي إلى مقاومة شرسة عند محاولتها إحتلال قلعة شقيف الإستراتيجية والتي لأهميتها قام مناحيم بيغن بزيارتها شخصيا بعد بسط السيطرة الإسرائيلية على القلعة. استنادا إلى عمر العيساوي فإن القيادة السورية لم تدرك ضخامة العملية العسكرية الإسرائيلية وبالرغم من المباغتة تمكن الجيش السوري من وقف تقدم القوة الإسرائيلية المتجهة إلى ظهر البيدر و قاتلت فيما بعد بشراسة في البقاع [3].
صورة:Beirut time.jpg
غلاف مجلة تايم 16 اغسطس 1982بعد احتلال قلعة شقيف تم تسليم القلعة إلى سعد حداد قائد جيش لبنان الجنوبي الموالية لإسرائيل وبعد أيام سقطت صيدون و صور و دامور معاقل منظمة التحرير الواحدة تلو الأخرى أمام التقدم الإسرائيلي وبدأ الجيش الإسرائيلي بالتقدم نحو الطريق الرئيسي بين بيروت و دمشق مخترقين منطقة الشوف الواقعة في وسط الجنوب اللبناني وفي 8 يونيو 1982 إشتبك الجيش السوري لأول مرة مع الجيش الإسرائيلي. بعد 5 أيام فقط من الإجتياح تمكنت القوات الإسرائيلية من بسط سيطرتها على 1/3 من الأراضي اللبنانية وفي 9 يونيو 1982 وصل الجيش الإسرائيلي إلى مشارف بيروت وفي نفس اليوم تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من من تدمير عدة مواقع للدفاع الجوي السوري بالإضافة إلى إسقاط مقاتلة ميغ 22 سورية في إشتباك جوي ضخم بين 90 مقاتلة إسرائيلية و 60 مقاتلة سورية واضطر الجيش السوري إلى الإنسحاب من منطقة الشوف وفي يوم 14 يونيو 1982 دخل الجيش الإسرائيلي شرق بيروت ذات الأغلبية المسيحية وطوقت القسم الغربي من بيروت الذي كان معقلا رئيسيا للمقاتلين الفلسطينيين وتمكنوا من السيطرة على طريق بيروت - دمشق .
مع اقتراب نهاية شهر يونيو كان هناك 100,000 جندي إسرائيلي في لبنان بينما وصل عدد القوات السورية إلى 40,000 بينما وكان هناك 11,000 مقاتل فلسطيني محاصرين مع ياسر عرفات في غرب بيروت وفي مطلع شهر يوليو قام الجيش الإسرائيلي بفرض حصار على غرب بيروت قاطعة وصول المواد الغذائية والماء إلى تلك المنطقة وتم منع الإنتقال بين شطري بيروت واستمر القصف الإسرائيلي لغرب بيروت بصورة متفاوتة طوال شهر يوليو.
في 12 اغسطس 1982 ومع الإقتراب من الوصول إلى إتفاق وشيك حول آلية مغادرة المقاتلين الفلسطينيين لبيروت قامت إسرائيل بحركة مباغة أثارت استغراب العالم وغضب الرئيس الأمريكي رونالد ريغان ، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بشن أعنف قصف جوي ومدفعي و بحري على بيروت إستمرت لعشر ساعات متواصلة وأدت هذه الحركة الغير متوقعة إلى إثارة غضب ريغان الذي اتصل هاتفيا مع مناحيم بيغن معربا عن استياءه الشديد من ذلك التصرف. توصل الطرفان إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في 18 اغسطس بوساطة المبعوث الأمريكي فيليب حبيب وفي يوم 19 اغسطس خففت إسرائيل من حصارها لغرب بيروت وسمحت لإمدادات الصليب الأحمر بدخول بيروت الغربية
العلاقات الأمريكية الإسرائيلية
صورة:Alexander Haig.jpg
وزير الخارجية الأمريكية السابق ألكسندر هيجظهرت تدريجيا انقسامات ضخمة في الإدارة الأمريكية بين تيار بقيادة ألكسندر هيج و جين كيركباترك ينادي باستمرار إسرائيل بعملياتها بغض النظر عن المبرر الأصلي، حتى تدمير منظمة التحرير و تيار مناد بكبح جماح إسرائيل بقيادة جورج بوش الأب و جيمس بيكر و وليام كلارك. دخل السوفيت على الخط و أرسل ليونيد الييتش بريجنيف إلى رونالد ريغان يخبره عن قلقه و يلمح له عن إمكانية توسع النزاع وهنا شعر ريغان ان وزير خارجيته لم يكن يعمل معه بنفس الاتجاه وإنه منحاز إلى إسرائيل و أرسل مذكرة إلى مناحيم بيغن قال فيها:
إنني أشعر ببالغ القلق نتيجة للتقارير الاخيرة عن حدوث زحف اسرائيلي آخر إلى وسط لبنان، وتصاعد العنف بين اسرائيل وسوريا. لقد تجاوزت قواتكم كثيرا من الأهداف التي ابلغتمونا بها. وقد تكون المزايا التعبوية ظاهرة ولكن الحاجة الأكثر أهمية هي تفادي نشوب حرب أوسع باشتراك سوريا، وربما باشتراك السوفيت أيضا. وقد تلقيت اليوم رسالة من بريجنيف تعرب عن بالغ القلق من أن وضعا خطيرا جدا قد ينشأ، وأنه قد يخلق امكانية تفجر أعمال عسكرية أوسع نطاقا. وبطبيعة الحال، فانني لم أقبل معظم النقاط التي وردت في رسالته، إلا أن خطر حدوث تصاعد آخر لا يزال قائما ولقد اصبح واضحا الآن انه حدث تصاعد في أعمال العنف بين سوريا وإسرائيل. وإنني ادعوك الآن لأن تقبل وقف إطلاق النار إلى الساعة السادسة صباحا يوم الخميس 10 يونيو 1982. وأناشدك أن توصي حكومتكم بقبول اقتراحي ، مناحم، إن رفض إسرائيل قبول وقف اطلاق النار سيزيد بدرجة أكبر من التحديد الخطير الذي يتعرض له السلام العالمي، وسوف يخلق توترا شديدا في علاقاتنا."[1]
إعتقد إسرائيل أن تيار ألكسندر هيج قادر على الضغط على الرئيس الأمريكي. وصل الخلاف بين الرجلين إلى درجة ضخمة، و بدأ هيج يخفي رسائل و برقيات حبيب عن البيت الأبيض، الأمر الذي اضطر حبيب إلى استعمال خط هاتفي أمن للإتصال مباشرة مع البيت الأبيض. [1]، و في النهاية و مع شعور هيغ بالمحاصرة و انعدام ثقة ريغان به، هدّد شفويا بالاستقالة، و قبلها ريغان فورا بدون كتابتها. [1]. بعض المحللين يدافع عن هيغ و يعتبره كبش فداء لفشل سياسة البيت الأبيض في لبنان. باستقالة ألكسندر هيج أصبح جورج شولتز وزيرا للخارجية. شولتز كان يرى أن الغزو الاسرائيلي يدمر عملية السلام وأدرك إمكانية الولايات المتحدة وضع مبادرة لعملية السلام، و بدأ صنع مشروعه لعملية سلام عربي إسرائيلي . في 30 يوليو عرضت المبادرة على ريغان و ظهر مشروع ريغان لمنطقة الشرق الأوسط حيث عارض قيام دولة فلسطينية مستقلة و اعتمد فكرة عودة السيطرة الاردنية على الضفة الغربية، و قطاع غزة على شكل اتحاد فدرالي . من جهة أخرى رأى مناحيم بيغن أن ريغان تجاوز مرحلة الصداقة[1]، وقام بمعارضة رؤية ريغان الداعية إلى مبدأ الأرض مقابل السلام. و كان أرئيل شارون يؤكد أنه سيحل القضية من خلال جنازير الدبابات إلا أن مقتل بشير الجميل الذي نصبه الأمريكان لتصفية الوجود الفلسطيني في لبنان و إدانة شارون بتهمة التغاضي عن جريمة مخيمي صبرا وشاتيلا حيث تم إخراجه من الحكومة أدى إلى إفشال مساعي الدولة الإسرائيلية في إخراج المنظمة من اللعبة السياسية.
محاور القتال
الجيش اللبناني: لم يتدخل في الصراع نهائيا و بقي على الحياد.
الجيش السوري: لم تدخل القوات السورية القتال إلى أن قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف 14 بطارية للصواريخ من طراز سام 2، 3، 6 روسية الصنع من أصل 19 بطارية كانت سوريا قد نصبتها في لبنان ولحقت أضرار بأربع بطاريات أخرى على أثر ذلك تم صدام في الجو بين ما يقارب 200 طائرة سورية و ما يقاربها من الإسرائيلية و تم تدمير قرابة 40 طائرة سورية في يوم واحد مما أمن السيطرة الجوية لإسرائيل بعد معركتين أرضيتين سريعتين قامت سوريا بتوقيع هدنة في يوم 11 يونيو معلنة توقفها عن القتال.
المقاتلين الفلسطينين: كان معظم المقالتلين الفلسطينين مسلحين تسليحا خفيفا مما جعلهم يستعملون أسلوب المقاومة و حرب العصابات .
بيروت المحاصرة
تفاجأ ياسر عرفات بوصول برقية من الجنوب تنبئ بأن القوات الإسرائيلية تعدت صور شمالا و بسرعة . جورج حاوي نقل عن عرفات قوله : ده مش ممكن لا مستحيل،و اتصل مع الحاج إسماعيل ليستفهم منه عن الأوضاع، إلا أن الحاج إسماعيل كان منشغلا بإخراج القوات من صيدا بسبب محاصرة الإسرائيلين لها. تفاجأ الجميع بحجم الإجتياح، بالرغم من أن بشير الجميل كان قد أكد في أكثر من مرة أن القوات الإسرائيلية قادمة، يعزى ذلك إلى خطاب ريغان الذي أكد أن الدخول سيكون محدودا بثلاثين كيلومترا.
تشكل في 14 يونيو 1982 ما عرف باسم القيادة المشتركة للقوات الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية أو هيئة الإنقاذ الوطني في بيروت بدعوة من الرئيس اللبناني إلياس سركيس ضمت زعماء الطوائف الرئيسية في لبنان و كتيبتين سوريتين استمرتا في القتال على الرغم من توقيع سوريا إتفاقية الهدنة. كان هدف هيئة الإنقاذ هو منع تفاقم أزمة المواجهة المسلحة بين اسرائيل و منظمة التحرير الفلسطينية ولكنه وبصورة تدريجية اصبحت هيئة الإنقاذ هذه عاجزة عن إنجاز اي نتيجة ملموسة و بعد 9 ايام من تشكيلها إنسحب وليد جنبلاط منها واصفا الهيئة "بهيئة دفن القتلى" .
مع اقتراب نهاية فترة حكم الرئيس اللبناني إلياس سركيس تم تنظيم إنتخابات رئاسية في بيروت وقام البرلمان اللبناني في 23 اغسطس 1982 بإنتخاب بشير الجميل رئيسا بإجماع 57 صوتا وإمتناع 5 عن التصويت وعدم إشتراك أغلبية الكتلة المسلمة في البرلمان الذي اعتبر الجميل حليفا لإسرائيل وقبل 9 أيام من تسلم الجميل مهامه الرئاسية وفي 14 سبتمبر 1982 تم اغتياله بقنبلة موقوتة وبعد أسبوع وفي 21 سبتمبر 1982 انتخب البرلمان اللبناني شقيقه أمين الجميل رئيسا الذي قام بتوجيه دعوة إلى زعيم الكتلة المسلمة ورئيس الوزراء شفيق الوزان (1925 - 1999) بالبقاء في منصبه كرئيس للوزراء في محاولة من الجميل لتضييق الفجوة وتوحيدالصفوف . على الصعيد الإقتصادي إنخفض قيمة الليرة اللبنانية إلى مستويات متدنية وظهر بوادر عجز للحكومة اللبنانية في فرض الضرائب ووصل نسبة التضخم إلى 20% - 30% وتم تدمير واسع النطاق للبنية التحتية في لبنان .
في 13 يونيو قامت القوات الإسرائيلية و مليشيا بشير الجميل بمحاصرة بيروت، إلى 28 أغسطس . طوال فترة الحصار قامت القوات الإسرائيلية بقصف بيروت من البر باستعمال المدفعية و من الجو و البحر. تم تسوية معظم المدينة بالأرض ، قتل أكثر من 30،000 مدني لبناني و إصيب أكثر من 40،000 شخص أكثر من نصف مليون شخص نزحوا عن بيروت و في فترة الست و سبعون يوما استمرت إسرائيل بمنع المعونات الدولية و الإنسانية عن بيروت. صرحت إسرائيل أن مسؤولية الوفيات و الدمار الذي أصاب البنية التحتية و الخسائر البشرية هو إستعمال منظمة التحرير الفلسطينية المدنيين كدروع بشرية و استعمال منازل المدنيين كمعاقل للقتال مما اضطر إسرائيل مرغمة على القصف لتدمير البنية التحتية التي يمكن أن يستعملها المقاتلين أو المخربين حسب تعبير إسرائيل. استعملت إسرائيل في هجومها على بيروت أسلحة محرمة دوليا بدأ من القنابل العنقودية و الفسفورية مرورا بالنابالم و ألعاب الأطفال المفخخة، و إنتهاء بقنابل بخار الوقود. أعاد كل من رونالد ريغان و هنرى كسنجر التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. و تم منع جميع المبادرات التي قدمت لإيقاف القتال. انتهى الاحصار بمسح كامل لثلث بيروت من الخارطة.
قدم رونالد ريغان ضمان شخصيا للمقاتيلن الفلسطينين بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس و اضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و 800 جندي فرنسي و 400 إيطالي. غادر 14،614 مقاتل فلسطيني بيروت إلى تونس تحت القصف الإسرائيلي، بالرغم من الحماية الدولية. على الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985 1،216 جندي إسرائيلي. على الصعيد السياسي أوفت إسرائيل بوعودها و بضغط أمريكي لبشير الجميل حيث أصبح رئيسا للبنان إلا أنه في 14 سبتمبر تم اغتياله هو و 25 من طاقمه بتفجير ضخم استهدف مقره.
تغيرت الخريطة السياسية اللبنانية بصورة جذرية بعد الغزو الإسرائيلي فبالرغم من أن الميليشيات المسيحية اللبنانية لم تشترك فعليا في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي إلا أنها إنتشرت وهيمنت على المناطق التي كانت تحت سيطرة اسرائيل وخاصة في الجنوب اللبناني التي هيمنت عليها حزب الكتائب اللبنانية وقامت إسرائيل أثناء الغزو بنزع سلاح المجموعات الدرزية التي كانت في صراع مسلح مع حزب الكتائب . عمل حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل جاهدا على نزع سلاح الفلسطينين في سائر أنحاء لبنان . تمكنت حركة فتح من أسر ستة جنود إسرائيليين، تم مبادلتهم لاحقا بخمسة آلاف معتقل لبناني وفلسطيني تم إحتجازهم في معتقل أنصار في جنوب لبنان
في مساء 16 سبتمبر، قامت القوات الإسرائيلية بمحاصرة مخيمات صبرا و شاتيلا لللاجئين الفلسطينين ،و سمحت بدخول حوالي 350 عنصر مسيحي إلى المخيمات تحت ذريعة البحث عن مقاتلين فلسطينين. تم ذبح ما يقارب 3000 مدني أعزل بالرغم من التعهدات الأمريكية بحماية المدنيين الفلسطينيين بعد خروج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، يعتقد الكثير أن العملية كانت رد فعل على اغتيال الجميل.
القصف الأمريكي
بعد الحرب كان مايقارب 98% من الأراضي اللبنانية تحت سيطرة وحماية قوات متعددة الجنسية وميليشيات لبنانية مختلفة وكانت الحكومة اللبنانية مهيمنة فقط على بيروت و ضواحيها. في عام 1983 كان هناك 30,000 جندي إسرائيلي في الجنوب اللبناني وكان شرق و شمال لبنان تحت سيطرة 40,000 جندي سوري و 10,000 مقاتل فلسطيني بالإضافة إلى هذه الأرقام كان هناك 10,000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة من الولايات المتحدة و ايطاليا و بريطانيا و فرنسا.
تدريجيا أصبحت القوات المتعددة الجنسية مستهدفة بشكل يومي وفي 19 سبتمبر 1983 وفي خطوة مثيرة للجدل قامت البارجات الأمريكية بقصف معاقل القوات الدرزية في سوق الغرب علما ان المارينز المرابطين حول بيروت والبالغ عددهم 1,600 لم يتعرضوا لإستهداف مباشر لحين تلك اللحظة ولكن الأمر تغير بعد ذلك القصف الذي قام به بارجتان أمريكيتان وأصبح المارينز بعد ذلك مستهدفين في عمليات إطلاق نار بالقناصات من قبل أطراف مجهولة وبحلول شهر نوفمبر 1983 تم قتل 6 من المارينز.
تفجير السفارة الأمريكية في بيروت
صورة:Embassy bombing.jpgفي 18 ابريل 1983 اقتربت سيارة مفخخة من سفارة الولايات المتحدة في بيروت وحدث انفجار هائل أدى إلى تدمير كامل للقسم المركزي للبناية وتسبب الانفجار في سقوط 60 قتيلا بينهم 17 أمريكيا و 100 جريح ، تبنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن الحادث ويلقي الكثيرين بالمسؤولية الرئيسية في تنظيم الإنفجار إلى عماد فايز مغنية وتم لاحقا توجيه التهمة إلى فايز مغنية بضلوعه في التخطيط لتفجير سيارة مفخخة في حاجز عسكري مشترك للمارينز و القوات الفرنسية في 23 اكتوبر 1983 والذي أدى إلى مصرع 58 جنديا فرنسيا و 241 من المارينز وتم اتهامه أيضا بتخطيطه لإختطاف طائرة تي دبليو أي الرحلة 847 في 14 يوليو 1985 والتي كانت متوجهة من روما إلى بوسطن [4] ، [5].
كانت السيارة المفخخة التي دمرت السفارة محملة بحوالي 180 كغم من المتفجرات وكانت السيارة حسب تقارير وكالة المخابرات الأمريكية قد تمت سرقتها قبل عام واحد من السفارة الأمريكية وكانت تحمل شارة السفارة واستطاع سائقها لهذا السبب من الدخول بسهولة إلى مرآب السفارة . كان من بين القتلى الأمريكيين 8 موظفين لوكالة المخابرات الأمريكية وكان تفجير السفارة حسب تصريحات الجهة المنفذة ردة فعل على مذبحة صبرا وشاتيلا . بعد حادثة تفجير السفارة تم نقل البعثة الدبلوماسية الأمريكية إلي بيروت الشرقية ولكن الموقع الجديد تعرض إلى إستهداف بسيارة مفخخة أخرى في 20 سبتمبر 1984 وقتلت في هذه المرة 2 امريكيا و 20 لبنانيا[6]
إتفاق 17 أيار
نص إتفاقية 17 أيار
بيان مجلس الوزراء اللبناني بإلغاء اتفاق 17 أيار في بيروت 3 مارس 1984
مع اقتراب نهاية ديسمبر 1982 دخلت لبنان في محادثات مع اسرائيل وبوساطة الولايات المتحدة لغرض التوصل إلى نوع من التطبيع في العلاقات وإيجاد آلية لإنسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان مع ضمانات بعدم تعرض الحدود الشمالية لإسرائيل لهجمات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وبعد مفاوضات و محادثات إتسمت بالصعوبة و استغرقت 6 أشهر توصل الطرفان إلى ما سمي بإتفاق 17 أيار أو "اتفاق جلاء القوات الإسرائيلية" حيث وافق الطرفان بإنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة بين الدولتين منذ قيام دولة اسرائيل في عام 1948 بالرغم من إصرار اسرائيل على توقيع اتفاقية سلام رسمية إلا أن لبنان اكتفت باتفاقية "عدم الحرب" حيث كانت القيادة اللبنانية متخوفة من عزلة مع بقية العالم العربي إن وقعت على اتفاقية سلام مشابهة للعزلة التي حدثت لمصر عقب اتفاقية كامب ديفيد.
نصت الاتفاقية على انسحاب الجيش الإسرائيلي في غضون 8 - 12 أسابيع بشرط ان تقوم سوريا و منظمة التحرير بالإنسحاب أيضا. بالرغم من عدم تشكيل علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات بين لبنان و اسرائيل إلا أن الطرفان وافقا على وجود هيئات دبلوماسية للدولتين على أراضي الآخر . من النقاط المثيرة للجدل في ذلك الأتفاق كان تشكيل حزام أمني اسرائيلي في جنوب لبنان يتواجد فيه اقل من 4,341 جندي من كلا الجيشين اللبناني و الإسرائيلي مع تعاون مستمر بين الجيشين على هيئة دوريات مشتركة. من النقاط الحساسة في ذلك الإتفاق كان وضع الرائد سعد حداد و جيش لبنان الجنوبي فبالرغم من أن الاتفاقية لم تذكر الرائد حداد بالإسم إلا أنها نصت على قبول حماية الحزام الأمني من قبل "قوات محلية" . وقع عن لبنان السفير أنطوان فتال بينما وقع ديفيد كمحي رئيس الوفد الإسرائيلي كما وقع أيضا المندوب الأميركي موريس درايبر على هذه الوثيقة. وافق البرلمان اللبناني على هذه الوثيقة بالأكثرية حيث عارضه نائبان فقط وفي إسرائيل وقعت الكنيست على الاتفاق . بقيت هذه الإتفاقية مجرد حبر على الورق حيث لم ينسحب الجيش الإسرائيلي و الجيش السوري من الأراضي اللبنانية وإعتبر الرئيس السوري حافظ الأسد بقاء إسرائيل في الجنوب اللبناني منافيا لمبادئ سيادة لبنان و خطرا على أمن سوريا.
رد الفعل الشعبي و مونديال 1982
تزامن حصار بيروت مع إنطلاق كأس العالم لكرة القدم 1982 في إسبانيا. و الذي شهد دخول دولتين عربيتيين هما منتخب الكويت لكرة القدم و الجزائر. و بدأ حصار و قصف الميليشيات و إسرائيل لبيروت يوم 13 يونيو 1982 و هو نفس اليوم الذي لُعبت به أول مبارة في المونديال بين الأرجنتين و بلجيكا. يعتقد الكثير أن اختيار توقيت الإجتياح بالتزامن مع مونديال 1982 كان ضمن ترتيبات الإجتياح. [1] [1].
إنشغل العالم العربي وقتها بالإحداث المتسارعة في المونديال، فالجزائر فازت على منتخب ألمانيا لكرة القدم 2-1 في 16 يونيو، و على تشيلي في 24 يونيو. و فهد الاحمد الصباح رئيس الإتحاد الكويتي لكرة القدم انذاك، عطل مبارة الكويت و منتخب فرنسا لكرة القدم في 21 يونيو محتجا على هدف رابع سجلته فرنسا في شباك الكويت بعد أن نزل إلى أرض الملعب لمدة سبع دقائق، و اضطر الحكم الروسي ميروسلاف ستوبار لإلغاء الهدف. قام الاتحاد الدولي لكرة القدم بتغريم الأمير فهد مبلغ 8000 جنيه إسترليني بسبب تدخله. و ايقاف الحكم و عدم إسناد باقي مبارياته له[1].
يذكر جورج حاوي الصدمة برد الفعل العربي الشعبي فيقول:
عدما يزداد القصف يزداد التحدي، ومخيل الآن العالم سيهتز إن بيروت تحترق، إن قذيفة قد دخلت ملجأ في برج براجني فقتلت 75 أو أكثر بريئاً، الآن العالم سيهتز، شوارع الجزائر ستنزل بها المظاهرات، فإذا بنا نفاجأ أن المظاهرة إنها كانت تعمل لفريق الجزائر اللي انتصر على ألمانيا في كرة القدم.[1]
بينما خرجت مظاهرابسبب ما فسره العرب بالمؤامرة[1] [1] لإخراج الجزائر من الدور الأول في المباراة بين ألمانيا الغربية و النمسا في 25 يونيو. كانت المظاهرات الوحيدة في الشرق الأوسط التي خرجت تستنكر الإجتياح، كما يذكر فيصل القاسم هي المظاهرات الضخمة التي نظمتها حركة السلام الآن في إسرائيل للمطالبة بلإنسحاب من لبنان[1]. كما قام الفريق الإيطالي بإهداء لبنان كأس العالم (رمزيا) تعاطفا معه
2024-11-14, 11:39 pm من طرف شيماء أسامة 272
» شركة تنظيف منازل بالخرج..نظافة منزلية فاخرة بأسعار منافسة..20%خصم لـ تعقيم فعال لمنزلك
2024-10-07, 1:09 pm من طرف yasmin mohamed
» شركة تنظيف اسطح المنازل بالرياض..حماية أسطح منزلك من التلف..أفضل حلول تنظيف الأسطح..اتصل بنا الآن
2024-10-07, 1:07 pm من طرف yasmin mohamed
» شركة تنظيف سجاد بالرياض..سجادك كالجديد بخصم35%..غسيل سجاد عميق بأسعار لا تقبل المنافسة.
2024-10-07, 1:05 pm من طرف yasmin mohamed
» ونيت نقل عفش بالرياض بخصم 25 %| 0551617253 | 0550586153
2024-10-07, 1:02 pm من طرف yasmin mohamed
» شركة نقل عفش داخل وخارج الرياض خصم 25%|0551617253| 0550586153
2024-10-07, 1:00 pm من طرف yasmin mohamed
» نقل عفش بالرياض مع الفك والتركيب|0551617253نقل عفش رخيص بالرياض
2024-10-07, 12:57 pm من طرف yasmin mohamed
» شركة الخيول السريعة لنقل العفش
2024-10-07, 12:55 pm من طرف yasmin mohamed
» افضل شركة تنظيف منازل بالخرج بخصم 30%| اتصل الــأن
2024-10-07, 12:53 pm من طرف yasmin mohamed
» نقل عفشك بالرياض بـ 200 ريال فقط مع افضل عمال نقل عفش بالرياض..عرض حصري
2024-10-07, 12:34 pm من طرف yasmin mohamed
» سواتر بالرياض
2024-10-07, 12:29 pm من طرف yasmin mohamed
» مظلات وسواتر الخرج 30%خصم فوري لتصميم مظلات الحدائق ومظلات السيارات بالخرج
2024-10-07, 12:25 pm من طرف yasmin mohamed
» مظلات وسواتر حي النسيم..مظلات وسواتر متينة تتحمل جميع الظروف الجوية..15%خصم عند الأتصال
2024-10-07, 12:23 pm من طرف yasmin mohamed
» هاتف لوري نقل عفش بالكويت | ضمان وصول عفشك سالم 100%…تواصل الـأن
2024-10-07, 12:20 pm من طرف yasmin mohamed
» ونيت نقل عفش مكه
2024-10-07, 12:15 pm من طرف yasmin mohamed