صباح الخير معركة

تحررت بيروت من القانون الانتخابي النيابي الجائر، حررها اتفاق الدوحة وتقسمت الى دوائر ثلاث عكست بالحدّ الأدنى تمثيلاً نيابياً سليماً. انما بلدية بيروت، فمازالت مقيّدة بقانون انتخابي جائر يسمح لفئة الاستئثار بنوعية التمثيل في مجلسها البلدي، والمسيحيون هم ضحية القانون الجائر والممارسة الفئوية. اذاً إنتخابات بلدية بيروت تحصل على اساس العاصمة دائرة واحدة تنتخب أعضاء المجلس الأربعة والعشرين في غياب أي توازن سياسي وطائفي، ولو حتى في الشكل كما كانت الحال في عهود رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.

المطلوب اليوم وكما ينادي التيار الوطني الحر، مقاربة جديدة تعيد تقسيم بيروت الى دوائر صغرى ما يسمح بخلق تمثيل نسبي سليم. وفي هذا الاطار يحضّرالتيار اقتراح قانون للبلدية يمكن تطبيقه في بيروت والمناطق اللبنانية الكبرى. مصادر في التيار أكدت استحالة خوضه الانتخابات البلدية وفق القانون الحالي، خصوصا بعد اتفاق الدوحة الذي خلق دينامية إنتخابية في بيروت. والقانون الانتخابي ليس مشكلة بلدية بيروت الوحيدة، فالأداء السياسي للفريق الحاكم ادى الى تفريغها من 90 % من موظفيها، ويديرها راهنا موظفون مكلّفون بالوكالة او بالتعاقد خاضعين الى المزاج السياسي المسيطر على البلدية. من هنا برزت الحاجة الى تصحيح الوضع السائد وملىء الشواغر واعادة التوازن الى البلدية، لا تعزيز الشواذ القائم من خلال اقامة مجلس الخدمة المدنية دورة، لمجلس البلدية، مثيرة للجدل تؤدي الى نجاح 97 % من الموظفين من فئة واحدة. المصدر نفسه، وفي هذا الاطار يذكر بدورة "الحرس" التي أقامها مجلس الخدمة المدنية، وكان محافظ بيروت تحفظ على توقيع القرار بسبب الضغوطات التي مورست عليه درزياً. فالدروز وبحسب المصدر نفسه، يريدون أن يتمثلوا بعدد يفوق عدد الناجحين منهم في الدورة، وذلك لأن عدد الدروز الناجحين في قوى الامن الداخلي لا يكفي. ويسأل المصدر هل يجوز أن ينجح 14 موظفاً مسيحياً من أصل 172 موظفاً خضعوا للامتحان الأخير لمجلس الخدمة المدنية؟

تساؤلات عدّة يجب التوقف عندها، خصوصا وأن هناك معلومات أكيدة عن قيام تيار المستقبل بتدريب عناصره لها، فأظهرت النتيجة بعد الامتحان أن ثمانين في المئة من مضمون الإمتحان كان جزءاً من الأسئلة التدريبية التي وزعها المستقبل على موظفيه. حال التفرد هذه داخل المجلس البلدي لم تكن على هذا المنوال دائماً، ففي تجارب سابقة كانت الدفة تميل الى مصلحة المسيحيين وفي حينه لم يكن يوقع المحافظ على أي قرار لا يراعي مبدأ المناصفة، ومثال على ذلك دورتي 1996 و 1998 حين أظهرت النتيجة أن عدد المسيحيين الناجحين في الامتحان يفوق عدد المسلمين الناجحين فامتنع المحافظ عن التوقيع وقتذاك. بلدية بيروت تشكل تحدياً لنواب المنطقة خصوصاً النواب المسيحيين، فإما ينجحون في تنقيتها من الفساد السياسي والطائفي، واما يشكلون الواجهة والغطاء السياسيين لاستمرار النهج السائد.




طلال علي جرادي